وأثناء ذلك، يأتي الدور على العرافة التي يفترض انها اقرب الحضور الى القوى الخفية المدعوة الى النزول.
تبدأ الطقس السحري باختلاج حاد يمتلك أطرافها، كما لو كانت مصابة بالصرع, فيفهم الحاضرون ان احدى الملكات بدأت في الحلول في جسد الساحرة، فتزيد مساعدتها من البخور في المجامر، كي لا ينقطع الدخان المحبب الرائحة لدى الملوك، في ملء الفضاء المسكون بروح الأسطورة,,, ثم يقمن بتغطيتها بأثواب من مختلف الألان: ثوب أسود، أصفر، أزرق,,, إلى أن تهدى الساحرة، فيعرفن من خلال اللون الاخير هوية الملكة التي حلت في جسد الساحرة.
وتبدأ العرافة الكناوية في «النطق» بنبؤاتها، فتنصح هذه بأن تلبس اللون الأحمر، لان الملك الاحمر هو الذي يعاكس سعادتها, وتنصح تلك الأخرى بأن تقيم حفل الحضرة على شرف الملكة «عايشة» أو«جميلة», ان هي أرادت ان تتزوج ابنتها العانس، او ان تلد مولودا ذكرا، الخ، ثم تنتهي التنبؤات، التي يعتقد في ان الملكة هي التي كانت توزعها بين الحاضرات على لسان العرافة.
وينتهي الحفل بذبح تيس اسود اللون قربانا في ليلة الملوك, التيس الأسود وليس غيره من قرابين الدم الأخرى هو الذي ترضى بقبوله الملوك عن طائفة كناوة, وقبل ان يُذبح، يقوم المعاونون بتقديم الحليب للحيوان كي يشرب منه، ويرش بماء الورد قبل ان يقطع الذباح الكناوي حنجراته,,, فتشرب العرافة من الدمالحار المنساب من القربان، قبل ان يغمس شيخ الطريقة الكناوية اصابع يده اليمنى ويطلي بالدم جبهتها.
ويحمل التيس المذبوح الى بيت شيخ الطريقة الكناوية كي يطبخ في الصباح مع كسكس «مسوس» (بدون ملح).
وسيقدم لحلقة ضيقة من المحظوظين والمحظوظات الذين سيناولون بركة الدردبة, وطبعا يطبخ العام بالقربان من غير ملح لأن الجان سيأكلون منه، اذ المعروف ان الجان لا تحب الملح، في معتقد المغاربة.
وفي الساعات الأولى من الصباح، تنسحب الملوك الى مخابئها الاسطورية، وينسحب اتباع الطائفة طلبا للراحة بعد ليلة متعبة, وينتظر الأوفر حظا من بينهم ان يقاسموا ملوك الخفاء أكلة الكسكس، وفي ظنهم انهم نالوا ما يكفي من الحماية من أذى عامة الجان، بعد ان نالوا مباركة ملوكها السبعة